Sunday, March 16, 2008

شخصيات قلقة

16\3\2008

إلى: ألكسندرا

أخرج سيجارة من علبته الذهبية؛ ـتأكد من تكبيسها مرتين ثم أشعلها و أخذ نفس فى بطء

: كإنسان؛ أنت تمتلك جمبع الغرائز و التى الآن و لغرض بدء النظرية؛ سنعرفهم بالجيدة و السيئة؛ فى أغلب الأحيان؛ فى الظاهر على الأقل؛ تتحلى بالعفة و الفضيلة و تتحكم فى الغرائز و التى تعرف بالجيدة كالجوع و العطش و تنال إستحسان الجميع؛ أما الغرائز التى تعرف بالسيئة كالجنس و القتل و الكراهية؛ تنهرها بأى وسيلة كانت؛ فتيحث دائماَ عن ملاذ؛ ريما كان الدين و ربما كان مجموعة من الأفراد مثلك باحثين عن الملاذ قتتحلون كجماعة بإتجاه عام و هو صفة مقت الأشخاص تجاه من هم خارج الجماعة؛ هذا الإتجاه عرفه أوسكار وايلد بالفضيلة؛ فتنسى إنك أنسان و سواء شئت أم أبيت يجب أن تشبعها فأنت قد تقتل الصرصار و تتناسى الأمر بمجرد الإنتهاء من التنظيف و لكن إعلم جيدا؛ أنت قتلت

:من أنت؟

: عندما تعلم إننى أفعل ما أفعله متوارياَ عن الأنظار لكى أعيش؛ خائفاً من علمهم بالحقيقة؛ التى عندما تعلمها؛ أعنى الحقيقة؛ كل الحقيقة؛ عندئذ فقط؛ ستدرك إننى ، إنسان!

-صمت-

: لنأخذ إستراحة قصيرة

مقاطعا: ما هى رقصتك المفضلة؟ أنا شخصياَ أفضل الفالس؛ منظر الإناس بملابسهم الأنيقة فى الإحتفالات العريقة القديمة يبعث روح السعادة بداخلى؛ أو هكذا أتصور حينما أرى مشهد الإحتفال فى فيلم ليوبارد

: ماذا تفعل حينما تشعر بالوحدة؟

: الوحدة؟ الوحدة هى الشىء الحقيقى الذى لا مفر منه؛ مثل الموت؛ أو ربما هو نوع أخر من الموت؛ لكن على الأقل لأزال حيياً و لذلك؛ أقرأ؛ فالقراءة تساعدنى على التعاطف مع البشر الذين لن يتعاطفوا معى

: هل أحببت من قبل؟

: اقد أحببت هذا الولد؛ كنت أعلم إنه من المستحبل إقامة أى علاقة بيننا؛ لقد كان الولد جميلاَ؛ طويل و ناعم اشعر لقد كان جماله كجمال ألهة الإغريق؛ تناول أساطيرهم يبعث الخوف فى أنفس الجميع تقريبا؛ إلا القلة ؛ فالنظر فى أعينهم مباشرة عقابه الموت؛ إنظر ولكن لا تتأمل؛ تأمل و لكن لا تعجب؛ إعجب ولكن لا تحب؛ إلا القلة و التى كانت دائمة التحدى؛ فتتسلق أعلى جبل أوليمبوس و ما أن تصعد؛ حتى تموت؛ ففى نهاية الأمر؛ جمالهم قاتل!

: إذاَ؛ ما هى النهاية؟

النهاية

Wednesday, March 12, 2008

من هو أمل؟

2008-03-12


إلى ألكسندرا و مونيكا

الكراهية البغضاء أعمته عن تذوق الحرية؛ العنف النفسى الذى يصاحبه كلما شرع فى كتابة قصة جديدة؛ حالة الحب التى يتعايشها كلما أدار إسطوانات الموسيقى الكلاسيكية؛ الحلم الدائم بالعبقرية؛ الواقع المرير المصاحب لسن التأمل الحتمى؛ محاولة الإجابة على أسئلة عبثية؛ حالة الموت الفكرى

أسماه والده أمل على إسم الشاعر أمل دنقل؛ فقد كان والده محباً للشعر و شغوف بالموسيقى الكلاسيكية.

وقف أمل أمام المرآه؛ متأملاً بذته الأنيقة كعادته اليومية سواء كان الفصل صيفاً أو شتاءً؛ مسنمعاً الى إفتتاحية فاجنر لأوبرا لونجرين؛ واضعاً منديله فقبعته؛ يجب أن تكون القبعة مائلة إلى الأمام بعض الشىء؛رفع إبرة الجرامافون؛ إبتسم ثم نزل

المكان منزل أمل

أمل و صديقته جالسان؛ هى على الكنبة و هو على كرسيه المفضل

الصديقة: ما بك؟

أمل: لا شىء

-صمت-

: ألا توافقينى الرأى على أن عصر عبودية الأرض عاد مرة أخرى؟

: ماذا تقصد؟

: إن فى الماضى القريب كان الفرد يعمل لعدد معين من الساعات و يحصل على ناتج ما لعمله؛ أما الآن؛ فأصبح يعمل بصورة مضاعفة و يحصل على نغس الناتج.

: ربما

: إن الخوف؛ الخوف من المجهول هو الذى سيظل الدافع الوحيد لتعاملات الإنسان الحياتية و هذا الإنسان الأحمق؛ بالمناسبة هذا الحال يمكن أن تصف به أغلب البشر؛ هؤلاء التعساء خانعيين؛ ربما حانقيين و لكن فى صمت! إنظرى لوجوه الناس المارة فى الشارع؛ لن تجد أحد باسم فالكل عابس الوجه!

-صمت-

: ماذا تنوى أن تفعل؟

مبتسم فى مرارة : إن ما أفعله و ما أنوى على فعله يأتى دائما من إعتقادى الداخلى بأنه لايمكن فعله؛ نجاحى أو فشلى فهذه مسألة أخرى؛ لقد وصلت إلى مرحلة عقلية راجحة بأننى لا أبتغى النجاح بقدر مالا أريد أن أفشل مرة أخرى.إن أسوأ ما فى الأمر هو الإذعان و الخضوع لرغبات عقلى المريضة فى أن أكون متصف من قبل البعض بالحكيم

: و لكنك حكيم! أنت تستطيع أن تنظر إلى أعين الناس و تعلم ما يقبع يداخلهم

: هناك أربع أنواع من الأعين؛ أعين تجردك من ملابسك لتراك عارياً و تلذذ بها؛ و أعين حانية و ربما ساذجة ترى الطيبة فيك؛ و أعين حمقاء تراك كما تريدها أنت أن تراك و أخيراً أعين لعوب لا تريك حقيقة صاحبها؛ فأى أعين تريدين أن تمتلكى؟

: أنا أريد أعين سعيدة

: و ما هى السعادة؟ هل هى تملك المال أو تحقيق ملا يمكن تحقيقه؟ أم هى حالة الوهم التى نتعايشعها لكى نستطيع الإستمرار فى الحياة؟

: ربما؛ و ربما أيضا هى عدم التفكير فى كل شىء طوال الوقت و الإحساس بالوهم إلى أن يصبح حقيقة! و ربما تكون السعادة هى عندما تنظر إلى طفل و تراه باسماً فتبتسم

:عندما كنت صغير؛ كنت أحلم بأن أمتلك مصنع لعب أطفال؛ والدى كان دائم الرفض لشراء أى لعب.

: أمل! هذه ترهات و تعفن لغذاء الروح؛ الأفضل هوأن تقرأ هذا الكتاب أو أن تستمع لهذه المقطوعة؛ ثم يضع إسطوانة السيمفونية الخامسة لمالر قائلاً: إسمع!!! هذه المقطوعة هى الروح السقيمة المحلقة فى سمائنا؛ هى الأعين المعتمة التى لا تأبى إلا أن ترى الحقيقة؛ الحقيقة التى يجب أن تكون دائم البحث عنها و تنير الأنفس إلى طريقها؛ فليكن هذا واجبك طالما حييت. و أنا تشتعل بداخلى مرارة التطلع إلى تحقيق التحرر على أى شاكلة كان فأطير سابحاً فى عالمى حيث كل شىء ممكن؛ فى البداية كان عالمى مكون من لعب الأطفال ثم أضحى عالم خيالى من الأساطير و البطولات فعالم جنسى و رغبات مكبوتة التى فى بعض الأحيان لا أستطيع ترويضها و مع كل هذا يبقى دائماً الحلم بالحرية.

:إننى دائما حالمة بالحرية و أريد أن أعيشها حتى و لو كانت وهم؛ إننى أتذكر هذا اليوم كما لو كان البارحة؛ ذهبت إلى الطبيب النفسى عندما طلق والدى؛ عندما علمت بالأمر؛ لم أنطق بحرف واحد له معنى؛ كنا جالسين بغرفة المعيشة؛ كل مننا على كرسى و شرعت فى الشرب بجنون؛ كنت أسئل أسئلة حمقاء و الأجوبة أشد حمقاً. إنتابتنى حالة من السكون المفاجئة لبضعة أيام إلى أن إستيقظت فى ذلك اليوم لا أستطيع التنفس؛ ذهبت إلى الطبيب النفسى و شرعت فى روى قصتى؛ كان الخوف من المجهول يحاصرنى؛ جلست ناظرتاً إلى الغرفة و جمالها كالقفص الذهبى.

: ما بك؟

: لا أعرف! بعد برهة بدأت فى رواية قصة أليس فى بلاد العجائب، عندما كنت فى الرابعة عشر؛ هربت من المنزل؛ هه! لا! لم أهرب أبداً؛ لقد؛ لفد كنت أحب المنزل و أحب والدى.................

و الآن كما ترانى؛ مهما نضجت؛ فستظل أحداث الصبا تطاردنى؛ ربما أتزوج و أنجب ثلاث أطفال كما تمنيت و ربما يخوننى زوجى كما خان أبى أمى؛ و لكن...سأسامحهه...سأسامحهه لأننى سأحبه....

: لا تبكى يا صغيرتى؛ لا تبكى أرجوك! أنى أريد و بشدة أن أمارس فعل الحب معك

: و أنا أيضاً؛ أعتقد أن الشخصيات الحزينة تنجذب و بعنف لبعضها البعض.

تحسس شفتيها بأنامله؛ ناظرا إلى عينيها ثم قبلها؛ حملها إلى غرفته فإستلقيا على سريره و مارسا فعل الحب

وقف أمل أمام المرآه؛ متأملاً بذته؛ مسنمعاً الى إفتتاحية فاجنر لأوبرا لونجرين؛ واضعاً منديله فقبعته؛ يجب أن تكون القبعة مائلة إلى الأمام بعض الشىء؛رفع إبرة الجرامافون؛ ثم نزل

وفف أمام النهر

: قد أتفهم رغبة الإنسان الدفينة فى الخلق؛ محققا بذلك الكمال؛ متحدياً الله؛ و لكن لن أفهم رغبة الإنسان فى التدمير؛ تدمير أى شىء و كل شىء جميل يتملكه أو حتى يراه فيتملكه بعينه ثم يدمره؛ إنها طفلة جميلة و أنا دمرتها؛ إن الحب يقابله الحب و الدمار يقابله الدمار؛ ثم ألقى بنفسه فى النهر.

النهاية